responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 4  صفحه : 3
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَصْلٌ: فِي الْإِيلَاءِ
وَهُوَ لُغَةً الْحَلِفُ قَالَ الشَّاعِرُ
وَأَكْذَبُ مَا يَكُونُ أَبُو الْمُثَنَّى ... إذَا آلَى يَمِينًا بِالطَّلَاقِ
وَشَرْعًا حَلِفُ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ مُطْلَقًا أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا سَيَأْتِي. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] الْآيَةَ وَإِنَّمَا عُدِّيَ فِيهَا بِمِنْ وَهُوَ إنَّمَا يُعَدَّى بِعَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ فِي الْإِيلَاءِ]
ِ وَأَخَّرَهُ عَنْ الرَّجْعَةِ لِصِحَّتِهِ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ وَكَذَا يُقَالُ: فِي ذِكْرِ الظِّهَارِ وَاللِّعَانِ عَقِبَهَا، وَكَانَ طَلَاقًا بَائِنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، لَا رَجْعَةَ بَعْدَهُ أَبَدًا فَغَيَّرَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ إلَى مَا يَأْتِي مِنْ ضَرْبِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ بَعْدَهَا بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي. قَوْلُهُ (لُغَةً الْحَلِفُ) أَيْ بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (لِلَّذِينَ يُقْسِمُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) قَوْلُهُ: (وَأَكْذَبُ مَا يَكُونُ إلَخْ) أَيْ أَكْذَبُ أَحْوَالِهِ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ ع ش.
قَوْلُهُ: (أَبُو الْمُثَنَّى) هُوَ شَاعِرٌ كَانَ يُكْثِرُ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (حَلِفُ زَوْجٍ) : أَيْ غَيْرِ مَجْبُوبٍ وَغَيْرِ مَشْلُولٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ الشَّلَلُ أَوْ الْجَبُّ بَعْدَ الْإِيلَاءِ، فَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَرَتُّبِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، وَدَخَلَ فِي الزَّوْجِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ، وَقَدْ اشْتَمَلَ التَّعْرِيفُ عَلَى جَمِيعِ الْأَرْكَانِ قَوْلُهُ: (زَوْجَتِهِ) أَيْ غَيْرِ الرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً، حُرَّةً أَوْ أَمَةً قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ امْتِنَاعًا مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) لِأَنَّ الْمَرْأَةَ يَعْظُمُ ضَرَرُهَا إذَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّهَا تَصْبِرُ عَنْ الزَّوْجِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَفْنَى صَبْرُهَا أَوْ يَقِلُّ.
رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ خَرَجَ مَرَّةً فِي اللَّيْلِ فِي شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ، فَسَمِعَ امْرَأَةً تَقُولُ:
تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ وَاسْوَدَّ جَانِبُهُ ... وَأَرَّقَنِي أَنْ لَا خَلِيلَ أُلَاعِبُهْ
فَوَاَللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ تُخْشَى عَوَاقِبُهْ ... لَحُرِّكَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ
مَخَافَةَ رَبِّي وَالْحَيَاءُ يَصُدُّنِي ... وَأَخْشَى لِبَعْلِي أَنْ تُنَالَ مَرَاتِبُهْ
فَقَالَ عُمَرُ لِابْنَتِهِ حَفْصَةَ: كَمْ أَكْثَرُ مَا تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ الزَّوْجِ؟ وَرُوِيَ أَنَّهُ سَأَلَ النِّسَاءَ، فَقُلْنَ لَهُ تَصْبِرُ شَهْرَيْنِ وَفِي الثَّالِثِ يَقِلُّ صَبْرُهَا، وَفِي آخِرِ الرَّابِعِ يُفْقَدُ صَبْرُهَا، فَكَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَنْ لَا تَحْبِسُوا رَجُلًا عَنْ امْرَأَتِهِ، أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَقَوْلُهَا مِنْ هَذَا السَّرِيرِ أَرَادَتْ نَفْسَهَا، لِأَنَّهَا فِرَاشُ الرَّجُلِ فَهِيَ كَالسَّرِيرِ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ اهـ. شَرْحُ الْمِنْهَاجِ لِلدَّمِيرِيِّ فَقَوْلُهَا: لَوْلَا إلَخْ الْبَيْتُ. الْمُرَادُ مِنْهُ: لَوْلَا أَخْشَى اللَّهَ لَزَنَيْت.
قَوْلُهُ: {يُؤْلُونَ} أَيْ يَحْلِفُونَ قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا عُدِّيَ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ حَاصِلُهُ: أَنَّ الْإِيلَاءَ بِمَعْنَى الْحَلِفِ، وَالْحَلِفُ يَتَعَدَّى بِعَلَى لَا بِمِنْ.
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْآيَةَ فِيهَا تَضْمِينٌ بَيَانِيٌّ، وَضَابِطُهُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ فِعْلٌ مَذْكُورٌ لَا يُنَاسِبُ الْحَرْفَ الْمَذْكُورَ، فَيُؤْتَى بِاسْمِ فَاعِلٍ مِنْ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ يُنَاسِبُ الْحَرْفَ الْمَذْكُورَ، وَيُجْعَلُ اسْمُ الْفَاعِلِ حَالًا مِنْ فَاعِلِ الْفِعْلِ الْمَذْكُورِ، كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: مُبْعِدِينَ إلَخْ أَوْ تَضْمِينٌ

نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 4  صفحه : 3
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست